top of page

الجزائر في عهد البايلربايات 1519-1587:

 

غدت مدينة الجزائر و توابعها منذ أواخر سنة 925ه/1519 تابعة للدولة العثمانية مرتبطة بها، دون أن تتجشم هذه الأخيرة عناء غزوها، كما حدث بالنسبة لبلاد الشام و مصر، و العراق و غيرها و تونس أيضا كما سنرى، و غدا خير الدين حاكما تابعا للسلطان العثماني ،إلا أنه كان في واقع الأمر يتمتع بسلطات واسعة في الجزائر ،لا تقل عن سلطات الملوك، و إن كان في واقع الأمر يتمتع بسلطات واسعة في الجزائر، لا تقل عن سلطات الملوك، وإن لم يكن رسميا إلا بايلربايا، أو أميرا للأمراء فيها و هو اللقب الذي حمله هو، و عدد من الحكام الأساسيين الذين خلفوه في حكم الجزائر في الفترة 1519-1587 م، التي تعرف بعهد البايلرباي. و قد كان السلطان العثماني يعين هؤلاء لحكمها لفترة غير محدودة بزمن و يختارهم غالبا من أكفاء الرجال الذين خدموا في الجزائر .

و غالبا ما كان بايلربايات الجزائر يرشحون لاستلام البحرية العثمانية ، وقيادة الأسطول العثماني أي منصبة قبو دان باشا. وقد نجح البايلربايات الذين تداولوا على حكم الجزائر في:

4-1–1 التصدي لمزيد من الحملات الإسبانية على مدينة الجزائر ، و شرشال و مستغانم و غيرها، و إفشالها، و إلحاق خسائر كبيرة بها ، جعلت الإسبان في نهاية الأمر في موقف الدفاع، لا الهجوم. و لا سيما بعد فشل حملتهم على الجزائر في سنة 1541م التي قادها الإمبراطور شارلكان بنفسه. و القضاء على حملتهم الموجهة ضد مستغانم في سنة 1558م بقيادة حاكم وهران الكونت دالكوديت.

النجاح في تحرير العديد من المواقع التي كان يحتلها الإسبان، و في مقدمتها :

صخرة الجزائر البنون في سنة 1529، و عنابة في سنة 1540 ، و بجاية في سنة 1555 . و الإخفاق في تحرير وهران ، و المرسى الكبير، لتخليص الإسبان فيها، و وصول المدد إليهم من جهة البحر .

3-4-1 النجاح في توحيد أجزاء كثيرة من البلاد الجزائرية ، التي كانت تابعة للمماليك، و الإمارات، الحفصية و الزيانية، وللأمراء و شيوخ القبائل المنشقين عنهم، وربطها بمدينة الجزائر التي اتخذوها حاضرة للبلاد كلها، بحيث غدت معظم أجزاء الجزائر الحالية من مشمولات حكمهم . و قد وجدوا في سبيل بسط نفوذهم عليها مقاومة و معارضة من سلاطين بني زيان، و بني أبي حفص، و غيرهم، وكذلك من الإسبان ، و أخيرا من الأشراف السعديين حكام المغرب الأقصى، إلا أنهم تمكنوا من التصدي بنجاح للسعديين من الحملات الإسبانية ما تقدم، و الحفصية، و الزيانية، و السعدية، وغيرها و من التغلب على مقاومات الزعامات المحلية.

 

4-1–4 القضاء نهائيا على نفوذ الزيانيين في تلمسان ، وتنس و كل الغرب الجزائري و ذلك في سنة 1551م، و على نفوذ الحفصيين في الشرق الجزائري ، و المساهمة في القضاء عليه حتى في تونس نهائيا في سنة 1574.

 

4-1–5 العمل على مد نفوذ الجزائر، والدولة العثمانية إلى المغرب الأقصى، و النجاح في مرتين على الأقل في ضم فاس و ممتلكاتها و ذلك في سنة 1554 ثم في سنة 1576، و تنصيب سلطان موالي لهم فيها و هو ابو حسون الوطاسي في المرة الأولى، وعبد المالك السعدي في المرة الثانية. 4-1–6 النجاح شيئا فشيئا في إرساء دعائم الحكم العثماني في الجزائر، و الشروع في احداث تنظيمات إدارية فيها، و تقسيمات إقليمية جديدة بحيث أصبح الغرب الجزائري بايليكية قاعدته الأولى مازونة ثم معسكر و مستغانم قبل أن يستقر المقر في وهران بعد فتحها الأول و الثاني في القرن الثاني عشر ، و أصبح الشرق الجزائري بايليكته أيضا قاعدته مدينة قسنطينة. و غدا القطاع الأوسط من البلاد و يتشكل من بايليكية التطري و قاعدته مدينة المدية في قسمه الجنوبي. و من دار السلطان في قسمه الشمالي الممتد من دلس شرقا و تنس غربا. وهذا القسم كان تابعا مباشرة للإدارة المركزية في مدينة الجزائر. وقد كان على رأس كل بايليكية باي تابع لحاكم الجزائر، البايلرباي، أو الباشا، أو الآغا، أو الداي ،و هي التسميات التي حملها حكام الجزائر خلال مراحل العهد العثماني في الجزائر . وقد نشأ حكام الجزائر العثمانيون مؤسسات عسكرية ، و إدارية و دينية ، و عملية ساعدتهم على التحكم في زمام الأمور في الجزائر و سيأتي الحديث عنها كمؤسسة ديوان الجند و طائفة الرياس و المؤسسة القضائية …الخ .

 

7-4-1 نجحوا في إيجاد سند لهم في مهمتهم من بين أهالي الجزائر، و المهاجرين الأندلسيين الذين وفدوا على الجزائر بكثرة في القرن 10ه/16. وحتى القرن 11ه/17م . وكان لحكام الجزائر الفضل الكبير في إنقاذ عدد كبير منهم من جحيم الاضطهاد الذي كانوا يعانون منه في الأندلس بعد سقوط غرناطة، و تنكر الحكام الإسبان للعهود التي قطعوها لهم ،كما نجحو في استمالة كثير من الأعلاج إلى صفهم بفتح أبواب العمل أمامهم و الإرتفاع إلى أعلى المناصب في الجزائر .و كان لكثير منهم الفضل في تحقيق النجاحات المذكورة أعلاه، و أولهم حسن آغا خليفة خير الدين على الجزائر الذي كانت له أياد بيضاء في الدفاع على مدينة الجزائر ضد حملة شارلكان، و في إعادة نفوذ الجزائر على المناطق المستولىعليها، و توسعه إلى مناطق جديدة . و العلج علي الذي مد نفوذ الجزائر في عهده إلى تونس ، و حسن فنزيانو و غيرهم .

 

وقد برز الأعلاج على الخصوص في قيادة حملات الغزو البحري الذي ازدهر في القرن 10ه/16 و لاسيما في القرن 17م مما أرغم الدول العديدة على في قيادة حملات الغزو البحري الذي ازدهر في القرن 10ه/16 و لاسيما في القرن 17 م مما أرغم الدول العديدة على طلب السلم مع الجزائر،و القبول بدفع إتاوة لها، و في المساهمة في الحملات العثمانية و المعارك البحرية للدولة العثمانية كالحملة على مالطة، و معركة ليبايني و غيرها.

 

و يمكن القول على وجه الإجمال أن خير الدين و خلفاءه البايربايات قد نجحوا في إرساء دعائم الحكم الجديد في الجزائر إلى حد كبير. وما لم يتحقق في عهد البايلربايات، أتم تحقيقها خلفاءهم في مراحل الحكم العثماني الأخرى هي عهد الباشاوات 1587-1659. و عهد الآغاوات 1659-1671 و عهد الدايات 1671-1830 قبل أن يخفق حسين داي آخر الدايات في التصدي للحملة.

 

 

أهم مميزات و خصائص عهد البيلربايات ::

 

سياسيا : معظم ولاة هذا العهد كانوا أقوياء ذوي سلطة و نفوذ واسعين وهم من طائفة الرياس البحريين ، و السلطان العثماني هو الذي يعينهم أو يوافق على من يقترحه الرياس بحكم تبعية الجزائر للدولة العثمانية و كانت صِلاتهم بالسلطان قوية.و انصبت جهودهم على مقاومة النصارى الأسبان في البحر الأبيض المتوسط و تصفية جيوبهم في الداخل بالموانئ التي يحتلونها و تقديم يد المساعدة لمسلمي الأندلس .كما تم للجزائر في هذا العهد تحقيق وحدتها الإقليمية و السياسية .

و دخلت كطرف في الصراع الدولي الذي دار على أشده في المنطقة و احتد بين الإمبراطورية العثمانية و الأسبان و فرنسا .

و هذا بفضل أسطول بحري قوي و كبير ، و استطاعت الجزائر بهذه القوة البحرية أن تفرض إرادتها و أن تشارك في توجيه الأحداث في المنطقة.

حضاريا : من الناحية الإدارية قسمت الجزائر إلى أربع عمالات ( بايليك الجزائر أو دار السلطان ، بايليك الشرق بايليك الغرب ، بايليك التيطري ) .

و من الناحية العمرانية : اهتم البيلربايات ببناء الحصون و القصور و المساجد و المدارس بل و حتى الموانئ و بصفة خاصة مدينة الجزائر .

اقتصاديا : امتازت الجزائر في هذه الفترة بغنى اقتصادي يرجع إلى غنى البلاد زراعيا و تنوع الموارد المالية التي تتزود بها خزانة الدولة .

عسكريا : عرفت الجزائر نظاما جديدا للجيش و القوات العسكرية يتمثل في القوات التركية الوافدة إليها و تتنوع هذه القوات إلى طائفة الرياس التي تتكون من الجنود البحارة ، و طائفة الجنود المشاة أو( الانكشاريين ) الذين بعث بهم السلطان العثماني إلى خير الدين و استمروا بعد ذلك في الزيادة و النمو

 

bottom of page